[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الأفكار أنواع، منها كالفشار «تفرقع» وتكتمل، ومنها كالغزل والنسج اليدوى
تأخذ وقتا من التفكير فى ترتيب الخيوط وغزلها ثم نسجها بطريقة تشكل صورة
كاملة فى النهاية. ومنها ناضجة كالطبخة التى أخذت وقتها فى الإعداد
والطهى، ومنها المسلوق بماء وملح أو ما يسميه العامة: «نىّ فى نىّ».
والأنوف الخبيرة بشم الروائح المتعددة للبهارات والأطعمة والتمييز بينها
هى بداية ما يسميه الغربيون بـ«السوفستكيشن» أو الرقى بالحواس.
فعندما يتحدث العرب عن النبيذ، مثلا، يتحدثون عن الخمر بشكل مجمل وعلى
إطلاقه، وكأن الهدف منه هو السُّكْر أو أن يكون الإنسان مخمورا، بينما فى
الغرب يهتمون بمعرفة أنواع النبيذ وعمر ونوع العنب المصنوع منه وطبيعة
التربة التى زرع فيها العنب، كل هذه الأمور يعرفها نساء ورجال يسمون
«الذوّاقة»، أى من لديهم القدرة فى آخر اللسان فى منطقة ما يسمى «الباليت»
على التمييز بين كل هذه المكونات.
القدرة على التذوق والقدرة على الشم وفهم تعقيدات الروائح والمذاقات هى
بدايات القدرة على التفكير المركب. الحواس غير المدربة كالأنوف غير
القادرة على التمييز بين أنواع الطبخ والآذان التى اعتادت الأصوات
والموسيقى العالية فقط، كلها مؤشرات على انجذاب أصحابها للتطرف فى الأمور،
ودعونى أفسر هذه النقطة.
فمن لا تستوقفه رائحة الطعام إلا لحظة الاحتراق، فيعلن أحدهم أنه «شامم
ريحة شياط»، كما نقول فى الصعيد لحظة نشم شيئا يحترق، وهكذا يبدو الحديث
عن مستقبل مصر، الناس بدأت تشتم رائحة الشياط، فبدأت فى التفكير فى مستقبل
البلد. مستقبل البلدان لا يجوز الحديث عنه لحظة تزكم رائحة الشياط الأنوف،
مستقبل البلدان هو نتيجة تخطيط طويل الأمد، ونتيجة خلط الطبخة بمكوناتها
الأساسية وطهيها بشكل لائق. طباخو السياسة والثقافة فى مصر، الآن، من
مدرسة «النىّ فى نىّ»، الطهى المسلوق بماء وملح والسلام.
عندما كنت فى القاهرة قرأت وسمعت سلسلة من الأحاديث عن مستقبل مصر، البعض
منها لا يعدو كونه حديثا مسليا على مائدة عشاء فى مطعم، ينتهى العشاء
وينتهى الحديث والكل يذهب إلى حال سبيله. كأحاديث العشاء أيضا، يريد
المضيف أن يتيح فرصة لكل الضيوف أن يشاركوا وألا يحس أحدهم بأنه قد تم
تجاهله فى «القعدة» فيدلى بدلوه، حتى لو لم يكن يعرف حقيقة ما يتحدث عنه.
المهم أن الناس تكلمت وقامت بالواجب، وانفرجت أسارير المضيف والضيوف. هكذا
يبدو الحديث عن مستقبل مصر فى الصحف والتليفزيونات. ناس بتعجن والسلام.
من يظن أنه جرىء ومقامر يتحدث عن مستقبل مصر ما بعد مبارك، والمتحفظ يقول
ربنا يطول عمر الرئيس. الحقيقة أن مستقبل مصر يجب ألا يكون الحديث عنه فى
إطار أشخاص، كائنا من يكون الرئيس، مع كل الاحترام للرئيس مبارك
وإنجازاته. مصر ليست بلد الرئيس وحده، ولا بلد الحزب الوطنى وحده، ولا بلد
ذاك الحزب المعارض أو غير المعارض وحده، مصر ليست طبخة تباع على عربات
الكشرى، البلد أكبر من الجميع، أكبر من الناس الذين يدوشوننا «ع الهوا»،
مصر بتاعت الناس «اللى ع الأرض مش اللى ع الهوا».
فى البلد لاشك ريحة شياط، ولكن نحتاج إلى أنوف قادرة على استشعار الشياط
قبل وقوعه، نحتاج إلى طهاة وطباخين قادرين على التمييز بين الأفكار، نحتاج
إلى ذوّاقة، ونحتاج أيضا إلى نساجين ممن يعرفون كل خيط فى الغزل وكل عقدة
فى السجادة، لا نحتاج إلى أفكار «تفرقع» سريعا كالفشار تصلح فقط للتسلية
وأنت جالس فى صالة السينما.
لقد اختصر الحديث عن مستقبل مصر فى مجموعة من الأفراد الذين تشابهت
أفكارهم لدرجة تبدو وكأنها نوع من نكاح المحارم، أفكار تسمعها فى الحزب
الوطنى تشبه تلك التى تسمعها فى التجمع أو عند الجماعات الإسلامية
بأنواعها، أفكار لا تزيد ولا تنقص عن طبخ «النىّ فى نىّ»، واحد بيطبخ
بالشريعة والثانى يطبخ بالدستور والثالث يطبخ بالتزوير ورابع يطبخ
بالاشتراكية.
المهم فى كل هذا الطبخ هو أنك تطبخ مادة واحدة كالبطاطس المسلوقة فى ماء
وملح، فليس هناك طاجن مغربى معقد بنكهاته المتنوعة ولا صينية بخلطة أفكار
يمكن أن توضع فى الفرن لتعطى مذاقا مختلفا.. صنف واحد لا غير وفكرة واحدة
لا غير، التوريث والبديل ومعرفش إيه من أحاديث الــ«نى فى نى» وزعيق
الــ«نىّ فى نىّ»، أفكار لا تليق ببلد بحجم مصر. الحديث عن مستقبل مصر
الدائر فى مصر، الآن، ينقصه الكثير، ومع ذلك حتى أنا القابع فى بلاد بعيدة
«شامم ريحة شياط».
الأفكار أنواع، منها كالفشار «تفرقع» وتكتمل، ومنها كالغزل والنسج اليدوى
تأخذ وقتا من التفكير فى ترتيب الخيوط وغزلها ثم نسجها بطريقة تشكل صورة
كاملة فى النهاية. ومنها ناضجة كالطبخة التى أخذت وقتها فى الإعداد
والطهى، ومنها المسلوق بماء وملح أو ما يسميه العامة: «نىّ فى نىّ».
والأنوف الخبيرة بشم الروائح المتعددة للبهارات والأطعمة والتمييز بينها
هى بداية ما يسميه الغربيون بـ«السوفستكيشن» أو الرقى بالحواس.
فعندما يتحدث العرب عن النبيذ، مثلا، يتحدثون عن الخمر بشكل مجمل وعلى
إطلاقه، وكأن الهدف منه هو السُّكْر أو أن يكون الإنسان مخمورا، بينما فى
الغرب يهتمون بمعرفة أنواع النبيذ وعمر ونوع العنب المصنوع منه وطبيعة
التربة التى زرع فيها العنب، كل هذه الأمور يعرفها نساء ورجال يسمون
«الذوّاقة»، أى من لديهم القدرة فى آخر اللسان فى منطقة ما يسمى «الباليت»
على التمييز بين كل هذه المكونات.
القدرة على التذوق والقدرة على الشم وفهم تعقيدات الروائح والمذاقات هى
بدايات القدرة على التفكير المركب. الحواس غير المدربة كالأنوف غير
القادرة على التمييز بين أنواع الطبخ والآذان التى اعتادت الأصوات
والموسيقى العالية فقط، كلها مؤشرات على انجذاب أصحابها للتطرف فى الأمور،
ودعونى أفسر هذه النقطة.
فمن لا تستوقفه رائحة الطعام إلا لحظة الاحتراق، فيعلن أحدهم أنه «شامم
ريحة شياط»، كما نقول فى الصعيد لحظة نشم شيئا يحترق، وهكذا يبدو الحديث
عن مستقبل مصر، الناس بدأت تشتم رائحة الشياط، فبدأت فى التفكير فى مستقبل
البلد. مستقبل البلدان لا يجوز الحديث عنه لحظة تزكم رائحة الشياط الأنوف،
مستقبل البلدان هو نتيجة تخطيط طويل الأمد، ونتيجة خلط الطبخة بمكوناتها
الأساسية وطهيها بشكل لائق. طباخو السياسة والثقافة فى مصر، الآن، من
مدرسة «النىّ فى نىّ»، الطهى المسلوق بماء وملح والسلام.
عندما كنت فى القاهرة قرأت وسمعت سلسلة من الأحاديث عن مستقبل مصر، البعض
منها لا يعدو كونه حديثا مسليا على مائدة عشاء فى مطعم، ينتهى العشاء
وينتهى الحديث والكل يذهب إلى حال سبيله. كأحاديث العشاء أيضا، يريد
المضيف أن يتيح فرصة لكل الضيوف أن يشاركوا وألا يحس أحدهم بأنه قد تم
تجاهله فى «القعدة» فيدلى بدلوه، حتى لو لم يكن يعرف حقيقة ما يتحدث عنه.
المهم أن الناس تكلمت وقامت بالواجب، وانفرجت أسارير المضيف والضيوف. هكذا
يبدو الحديث عن مستقبل مصر فى الصحف والتليفزيونات. ناس بتعجن والسلام.
من يظن أنه جرىء ومقامر يتحدث عن مستقبل مصر ما بعد مبارك، والمتحفظ يقول
ربنا يطول عمر الرئيس. الحقيقة أن مستقبل مصر يجب ألا يكون الحديث عنه فى
إطار أشخاص، كائنا من يكون الرئيس، مع كل الاحترام للرئيس مبارك
وإنجازاته. مصر ليست بلد الرئيس وحده، ولا بلد الحزب الوطنى وحده، ولا بلد
ذاك الحزب المعارض أو غير المعارض وحده، مصر ليست طبخة تباع على عربات
الكشرى، البلد أكبر من الجميع، أكبر من الناس الذين يدوشوننا «ع الهوا»،
مصر بتاعت الناس «اللى ع الأرض مش اللى ع الهوا».
فى البلد لاشك ريحة شياط، ولكن نحتاج إلى أنوف قادرة على استشعار الشياط
قبل وقوعه، نحتاج إلى طهاة وطباخين قادرين على التمييز بين الأفكار، نحتاج
إلى ذوّاقة، ونحتاج أيضا إلى نساجين ممن يعرفون كل خيط فى الغزل وكل عقدة
فى السجادة، لا نحتاج إلى أفكار «تفرقع» سريعا كالفشار تصلح فقط للتسلية
وأنت جالس فى صالة السينما.
لقد اختصر الحديث عن مستقبل مصر فى مجموعة من الأفراد الذين تشابهت
أفكارهم لدرجة تبدو وكأنها نوع من نكاح المحارم، أفكار تسمعها فى الحزب
الوطنى تشبه تلك التى تسمعها فى التجمع أو عند الجماعات الإسلامية
بأنواعها، أفكار لا تزيد ولا تنقص عن طبخ «النىّ فى نىّ»، واحد بيطبخ
بالشريعة والثانى يطبخ بالدستور والثالث يطبخ بالتزوير ورابع يطبخ
بالاشتراكية.
المهم فى كل هذا الطبخ هو أنك تطبخ مادة واحدة كالبطاطس المسلوقة فى ماء
وملح، فليس هناك طاجن مغربى معقد بنكهاته المتنوعة ولا صينية بخلطة أفكار
يمكن أن توضع فى الفرن لتعطى مذاقا مختلفا.. صنف واحد لا غير وفكرة واحدة
لا غير، التوريث والبديل ومعرفش إيه من أحاديث الــ«نى فى نى» وزعيق
الــ«نىّ فى نىّ»، أفكار لا تليق ببلد بحجم مصر. الحديث عن مستقبل مصر
الدائر فى مصر، الآن، ينقصه الكثير، ومع ذلك حتى أنا القابع فى بلاد بعيدة
«شامم ريحة شياط».
الثلاثاء سبتمبر 07, 2010 4:09 am من طرف Admin
» بمناسبة الإمتحانات ...... صور
الإثنين سبتمبر 06, 2010 4:17 am من طرف Admin
» ويندوز مصرى 100%
الإثنين سبتمبر 06, 2010 4:17 am من طرف Admin
» خدمة العملاء فى المستقبل...جامدة اخر حاجه
الإثنين سبتمبر 06, 2010 4:15 am من طرف Admin
» رسالة من صعيدي الى زوجته
الإثنين سبتمبر 06, 2010 4:12 am من طرف Admin
» الطالب ليه بسقط فى الامتحانات
الإثنين سبتمبر 06, 2010 4:10 am من طرف Admin
» اجدد مقالب فودافون ههههههههههههه
الإثنين سبتمبر 06, 2010 4:07 am من طرف Admin
» هتعمل ايه لو بتدرس و جنبك بنت
الإثنين سبتمبر 06, 2010 4:06 am من طرف Admin
» صور تجنن بجد لازم تدخلواااااااااااا
الإثنين سبتمبر 06, 2010 4:05 am من طرف Admin
» قوانين كرة القدم عند البنات
الإثنين سبتمبر 06, 2010 4:03 am من طرف Admin